نزهة النظر في شرح نخبة الفكر في اصطلاح أهل الأثر للحافظ ابن حجر(الدرس02)
فسألني بعض الاخوة أن ألخص له المهم من ذلك فأجبته إلى سؤاله رجاء الاندراج في تلك المسالك.
فأقول :
الخبر : إما أن يكون له طرق بلا عدد معين ، أو مع حصر بما فوق الاثنين ، أو بهما ، أو بواحد:
.............................................................................................
(فسألني بعض الاخوة أن ألخص له المهم من ذلك )، فلخصته في أوراق لطيفة سميتها " نخبة الفكر في اصطلاح أهل الأثر" على ترتيب ابتكرته ، وسبيل انتهجته ، مع ما ضممته إليه من شوارد الفوائد وزوائد الفوائد .
فرغب إلي جماعة ثانيا أن أضع عليها شرحا يحل رموزها ، ويفتح كنوزها ، ويوضح ما خفي على المبتدئ من ذلك (فأجبته إلى سؤاله رجاء الاندراج في تلك المسالك) .
فبالغت في شرحها في الاضاح والتوجيه ، ونبهت على خبايا زواياها ، لأن صاحب البيت أدرى بما فيه ، وظهر لي أن إيراده على صورة البسط أليق ودمجها ضمن توضيحها أوفق ، فسلكت هذه الطريقة القليلة المسالك .
( فأقول ) طالبا من الله التوفيق فيما هنالك :
( الخبر ): عند علماء هذا الفن مرادف للحديث .
وقيل : الحديث : ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخبر ما جاء عن غيره ، ومن ثم قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها " الأخباري " ، ولمن يشتغل بالسنة النبوية :" المحدث"
وقيل بينهما عموم وخصوص مطلق ، فكل حديث خبر من غير عكس.
وعبرت هنا بالخبر ليكون أشمل ، فهو باعتبار وصوله إلينا .
( إما أن يكون له طرق )، أي : أسانيد كثيرة ، لأن "طرقا " جمع طريق ، وفعيل في الكثرة يجمع على فعل بضمتين ، وفي القلة على أفعلة.
والمراد بالطرق الأسانيد حكاية طريق المتن .
وتلك الكثرة أحد شروط التواتر إذا وردت (بلا) حصر ( عدد معين) ، بل تكون العادة قد أحالت تواطهم على الكذب ، وكذا وقوعه منهم اتفاقا من غير قصد
فلا معنى لتعيين العدد على الصحيح ، ومنهم من عينه في الأربعة ، وقيل : الخمسة ، وقيل : السبعة ، وقيل العشرة ، وقيل : الاثني عشر، وقيل : في الأربعين ، وقيل : في السبعين ، وقيل غير ذلك.
وتمسك كل قائل بدليل جاء فيه ذكر ذلك العدد ، فأفاد العلم ، وليس بلازم أن يطرد في غيره لاحتمال الاختصاص .
فإذا ورد الخبر كذلك وانضاف إليه أن يستوي الأمر فيه في الكثرة المذكورة من ابتدائه إلى انتهائه - والمراد بالاستواء أن لا تنقص الكثرة المذكورة في بعض المواضع لا أن لا تزيد ، إذ الزيادة هنا مطلوبة من باب أولى - وأن يكون مستند انتهائه الأمر المشاهدة أو المسموع لا ما ثبت بقضية العقل الصرف(*).
فإذا جمع هذه الشروط الأربعة ، وهي :
1- عدد كثير أحالت العادة تواطؤهم أو توافقهم(**) على الكذب
2- رووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء
3-وكان مستند انتهائهم الحس
4- وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسماعه.
. فهذا هو المتواتر
وما تخلفت إفادة العلم عنه كان مشهورا فقط .
فكل متواتر مشهور، من غير عكس .
وقد يقال : إن الشروط الأربعة إذا حصلت استلزمت حصول العلم ، وهو كذلك في الغالب ، لكن قد تتخلف عن البعض لمانع.
وقد وضح بهذا تعريف المتواتر.
وخلافه قد يرد بلا حصر أيضا ، لكن مع فقد بعض الشروط ،( أو مع حصر بما فوق الاثنين ) ، أي بثلاثة فصاعدا ما لم يجمع شروط المتواتر (أو بهما) ، أي: باثنين فقط،( أو بواحد) فقط.
والمراد بقولنا :"أن يرد باثنين": أن لا يرد بأقل منهما ، فإن ورد بأكثر في بعض المواضع من السند الواحد لا يضر ، إذ الأقل في هذا العلم يقضي على الأكثر.
.............................
الهامــــــش:
شرح بعض المفردات:
(*) أي المحض، لإمكان الغلط فيه ، كخبر الفلاسفة بقدم العالم .
(**) نقل عن المصنف الحافظ ابن حجر أنه قال في الفرق بينهما : إن التواطؤ هو أن يتفق قوم على اختراع معين ، ، بعد المشاورة والتقرير، بأن لا يقول أحد خلاف صاحبه .
والتوافق: حصول هذا الاختراع من غير مشاورة بينهم ولا اتفاق ، يعني سواء كان من سهو ، أو غلط ، أو عن قصد " حاشية لقط الدرر ص:26".
وفي هذا كفاية ، سنتطرق في الدرس القادم إلى بعض أنواع الحديث بداية من المتواتر والمشهور .
أسئلة للمذاكرة السريعة :
س1: ماهو تعريف الخبر ؟ وما هو تعريف الحديث؟
س2: كيف يقال لمن يشتغل بالأخبار؟، وكيف يقال لمن يشتغل بالحديث؟
س3: ما المقصود بالطريق عند المحدثين؟
س4: ماهي شروط الحديث المتواتر؟
يستطيع الأعضاء الاجابة على هذه الأسئلة كردود على نفس الموضوع ليتسنى لنا قراءة جميع الاجابات وبالتالي الرد عليها ، وما ذلك إلا للافادة والاستفادة ولاثراء الموضوع بالاجابات وتفنيذ الاشكالات على الأعضاء والزائرين .